التكنولوجيا الزراعية: عامل ناشئ في تحفيز النمو الاستثماري في قطر

6267c73cafcd2_1320x500-01.jpg

يُمثل التحوّل التكنولوجي تحديًا كبيرًا للشركات والصناعات التقليدية حول العالم. تحمل هذه التحديات في طياتها العديد من الفرص التي تُساهم في إنشاء إرث رقمي عبر القطاعات المختلفة، وتبشّر بإمكانيات نمو واعدة. وفي هذا الإطار، فإن قطاع الزراعة ليس استثناء. إذ تعزز عملية دمج الزراعة بالتكنولوجيا الاستثمار في هذا القطاع، وترتقي بفرص النمو.

شهد الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية عام 2020، بالرغم من التباطؤ الاقتصادي غير المسبوق، ارتفاعًا وصل إلى 22.3 مليار دولار سنوياً، بلغ منه الربع الثاني حوالي 5.9 مليار دولار، وهو ما يفوق ضعف المتوسط التاريخي الفصلي البالغ 2.7 مليار دولار، وذلك وفقًا لتقرير مؤسسة فينيستر فنتشرز Finistere Ventures وبيتش بوك داتا PitchBook Data. كما تُشير توقعات مركز أغري إيبي Agri-Epi البريطاني إلى أن قيمة هذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط ستبلغ نحو 170 مليار دولار بحلول عام 2025.

وعبر استغلال القدرات الكامنة في هذا القطاع، من المنتظر أن تُساهم التكنولوجيا الزراعية بشكل فعّال في جهود التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي عامة، وقطر خاصة. وفي هذا السياق، تُسلط وكالة ترويج الاستثمار في قطر الضوء على الفرص التي يوفرها قطاع التكنولوجيا الزراعية في قطر.

قطر تخطو خطوات مهمة في مجال التكنولوجيا الزراعية

لقد ساهم معرض قطر الزراعي والبيئي الدولي 2022، الذي انعقد مؤخرًا، في تعزيز خطط التطور في هذا القطاع، حيث شهد توقيع عدد من العقود التي شملت شركات محلية وعالمية. وتجدر الإشارة إلى أن النسخة التي سبقتها قد شهدت توقيع 150 عقدًا ومذكرة تفاهم ما بين وزارة البلدية والبيئة والعديد من الشركات المحلية والعالمية. كما وفّر المعرض منصة حيوية سمحت لقادة الصناعة، والمسؤولين، والخبراء، بالتأكيد على دور التكنولوجيا المكمّل في التصدي للتحديات الزراعية العالمية، بالإضافة إلى إتاحة الفرص المختلفة للشركات.

وجدير بالذكر أن الاستثمارات المستدامة في البنية التحتية، ومبادرات الأمن الغذائي، قد سمحت لدولة قطر بتحقيق نجاحات كبيرة في مجال الأمن الغذائي. وأصبحت قطر تحتل المرتبة الأولى، بين الدول العربية، على مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2021، الذي تُصدره وحدة المعلومات بمجلة إكونوميست البريطانية. وتمكنت الدولة، بالرغم من التحديات المناخية والبيئية، من تبني تقنيات وممارسات زراعية جديدة ومستدامة، أتاحت لها إمكانية تعزيز قطاعها الزراعي، وزيادة المحاصيل، وبالتالي تحسين الأمن الغذائي.

الابتكار يُعزز الاستثمار في القطاع الزراعي

من خلال مقاربة متعددة الأوجه، تشمل تبني التكنولوجيا، والابتكار، وإنشاء الشراكات الجديدة، تواصل قطر عملها مع الشركات الريادية في مجال التكنولوجيا الزراعية. وتتيح الشراكة، على سبيل المثال، ما بين شركة آي فارم للتكنولوجيا الزراعية في فنلندا وشركة صدارة المالكة لمزرعة أغريكو أورغانيك في قطر إمكانية تعزيز الزراعة العامودية المستدامة في الدولة. وستقوم الشركتان، معًا، بإدارة مزرعة مغطاة ذات حجم تجاري وفق ممارسات وتقنيات آي فارم الحديثة، التي تُساهم أيضًا في توفير استخدام المياه. وتسمح هذه التقنيات الجديدة بجمع المياه غير المستخدمة وإعادة استعمالها.

من جهتها، تعزز وكالة ترويج الاستثمار في قطر نطاق دعمها وتعاونها مع الشركات الابتكارية الواعدة في قطاعيّ التكنولوجيا والزراعة ضمن الركائز الرئيسية للتنويع الاقتصادي، على غرار شركة وادي ووتر، حيث توفر بموجبها الأخيرة تقنيات ابتكارية في مجال الزراعة في قطر والمنطقة. وتتخصص الشركة في تحويل الهواء المشبع بالرطوبة إلى مياه صالحة للري والاستخدام المنزلي، وتقليص الهدر.

التصدي للتحديات

دفعت التحديات الإقليمية والعالمية، خلال السنوات الأخيرة، دولة قطر إلى تسريع الإصلاحات الزراعية ودعم قطاع الزراعة المحلي، بما يشمل استخدام التكنولوجيا الزراعية والزراعة المائية. ويُشكل قيام قطر بإنشاء نحو 1400 مزرعة جديدة شهادة على جدية الحكومة في الاستثمار المكثف بالإنتاج الزراعي.

ومع تزايد الطلب على الأغذية، نتيجة النمو السكاني العالمي، وارتفاع معدلات الدخل، تُشكل التكنولوجيا العامل الرئيسي في تخطي التحديات التي تواجهها الزراعة. وفي هذا الإطار، يُعد التواصل وسيلة تكنولوجية ناجعة في تعزيز الإنتاج. واستنادًا إلى بحث أجرته مؤسسة ماكينزي، فإن من شأن تطبيق التواصل الناجح في مجال الزراعة توليد قيمة مضافة تناهز 500 مليار دولار إلى الناتج الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. ويُترجم هذا الرقم بزيادة تتراوح ما بين 7 و9% على العائد المنتظر، كما أنه يخفف بشكل كبير من الضغوطات الحالية على المزارعين. ومن هنا، يُمكن للدول الصغيرة، على غرار قطر، أن تلعب دورًا في زيادة حجم المحاصيل العالمية، كما بالنسبة إلى سائر دول العالم النامي.


تشارك هذه المقالة