على طريق الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في دولة قطر

628b7d2e9dba8_ESG-article.png
المواضيع: إستثمار

التقى قادة العالم في خريف 2021 بمدينة غلاسكو الأسكتلندية، من أجل مؤتمر الأطراف في نسخته السادسة والعشرين وذلك لتوحيد العالم على مسار مشترك لمكافحة تغير المناخ؛ حيث تًعد من القضايا المهمة والتي تواجه الاقتصادات الناشئة والصناعية وجميع أشكال الحياة. وينصب التركيز حالياً على تبني أساليب التخفيف والتكيف التي تتطلب التعاون المحلي والدولي. ومع ذلك، فإن أي نجاح في تجنب الآثار الضارة لتغير المناخ يعتمد على التمويل، مع ضرورة الاستثمار بشكل كبير في التقنيات منخفضة الكربون والبنية التحتية المستدامة لدعم التحول الأخضر. لذلك، تطالب الوكالات العالمية والدول من القطاع الخاص بسد فجوة الاستثمار.

الاتجاهات والتوقعات للاستثمار العالمي المرتبط بأهداف التنمية المستدامة

سلطت الجائحة الضوء على الفجوات الدائمة في تمويل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والحاجة إلى تبني استراتيجيات استثمارية مستدامة تسمح للمستثمرين بتحقيق التوازن بين الأرباح والمسؤولية الاجتماعية. بالنسبة للكثيرين، يُعد هذا رهان على المبادرات الخضراء، لدعم مؤهلاتهم الأخلاقية، من خلال تبني نماذج أعمال جديدة ومستدامة.

 وبناءً على التوجهات الحالية لمنظمة التحالف العاملي للاستثمار المستدام، فقد أصبحت تلك الاستثمارات الأكثر شيوعًا، حيث إنها تمثل أكثر من 35 تريليون دولار أمريكي في أكبر خمسة أسواق عالمية، بنسبة نمو بلغت 15% خلال الفترة 2018-2020، وبنسبة 36% من إجمالي الاستثمارات التي تُدار بشكل احترافي في المناطق التي تغطيها المنظمة. ومع ذلك، لا تزال هنالك العديد من الفرص غير المستغلة في تعزيز الاستثمارات المستدامة. فاستنادًا إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، انه و بالرغم من الانتعاش العالمي القوي للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021، الا ان الاستثمارات ذات الصلة بأهداف التنمية الاجتماعية لا تزال ضعيفة. وقد ارتفع عدد المشاريع الاستثمارية المتعلقة بأهداف التنمية الاجتماعية في العالم النامي بنسبة 11% فقط، وهو أقل بكثير من المطلوب. كما تُشير تلك الأرقام إلى ضرورة التوجه نحو الاستثمار المستدام، كما تُحدد للشركات الفرص غير المستغلة في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

قطر على درب تنمية استثماراتها في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية

قبل وقت طويل من اعتماد أهداف التنمية الاجتماعية وتفشي جائحة كوفيد-19، حددت دولة قطر الاستدامة المناخية كركيزة أساسية ضمن استراتيجيتها للنمو. وتبرهن الاستراتيجية الوطنية على التزام الدولة لمكافحة التغيّر المناخي، حيث تؤكد رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية الأولى والثانية على أهمية حماية البيئة ومكافحة التغيّر المناخي من خلال تعزيز الجاهزية والمرونة، ومساعدة المجتمع على التأقلم. وأكّدت قطر، من جديد، التزامها بمكافحة التغيّر المناخي من خلال نشر الخطة الوطنية للتغيّر المناخي (NCCAP) في عام 2021، والتي تم تطويرها بالتعاون مع أكثر من 50 جهة داخل الدولة. ومن خلال تضافر الجهود، وسنّ التشريعات والقوانين الجديدة، وإطلاق المشاريع الخضراء، تواصل قطر سعيها نحو حشد الزخم تجاه الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وذلك لتسريع ودعم الجهود الموجهة للحد من الآثار السلبية للتغيّر المناخي، والتكيّف معها.

كما يقوم جهاز التخطيط والإحصاء في الدولة على جمع ونشر البيانات حول مؤشرات التنمية المستدامة منذ عام 2009. وتقوم الدولة بالتطوير المستمر للأُطر الضرورية لدعم الاستدامة وتسهيل الاستثمار في المجالات الجديدة، وخاصة التمويل المستدام. ومن الأمثلة الناجحة هو انضمام بورصة قطر إلى مبادرة الأمم المتحدة للبورصات المستدامة (SSEI)، وإطلاق الدليل الإرشادي لإعداد تقارير الاستدامة، وأول منصة للاستدامة، وأول مؤشر للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية قابل للتداول.

واستكمالاً لهذه المبادرات، تقوم العلامة التجارية الوطنية - استثمر قطر، من خلال شبكتها بربط استثمارات المستثمرين الدوليين الملائمة للمستقبل، وتستقطب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر الصديق للاستدامة إلى الدولة. وتشمل الشراكات المهمة والمرتكزة على الاستدامة العديد من الشركات ومنها، شركة "وادي ووتر – Wadi Water" في مجال الابتكار الزراعي، وشركة "غوسن - Gaussin" التكنولوجية التي تقوم بتصميم وتجمّيع المركبات الذكية ذات انبعاثات صفرية لنقل البضائع والأشخاص، وشركة "أسبيرايشن - Aspiration" الرائدة في توفير الاستدامة كخدمة وتقوم حالياً ببناء أول منطقة حرة ذات الانبعاثات الكربون الصفرية وذلك بالتعاون مع هيئة المناطق الحرة قطر، وشركة "هاني ويل - Honeywell" العملاقة والتي تعمل على توفير الحلول التكنولوجية في قطاعي الطاقة والهندسة في قطر. تُظهر هذه الاستثمارات، التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، الفرص المُجزية التي توفرها الدولة للمستثمرين الباحثين عن الفرص الاستثمارية والشركات الراغبة بتوسيع نطاق أعمالها حول العالم.

وكما يُشير تقرير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الصادر عن استثمر قطر، هذه المبادرات تقدم فرصًا لا تقل قيمتها عن 75 مليار دولار بحلول عام 2030 في مجال الاستثمارات المستدامة، التي بدأت بالفعل في التدفق إلى الدولة. وقد ارتفعت قدرات التمويل المستدام في قطر من خلال أول إصدار أخضر لبنك قطر الوطني QNB بقيمة 600 مليون دولار أمريكي في عام 2020، كما أنه قد يصل قريباً إلى آفاق جديدة مع إطلاق أول سند أخضر سيادي على الإطلاق في منطقة الخليج العربي. تهدف قطر إلى مواءمة قطاعاتها الاستراتيجية مع تطلعات التنمية المستدامة، مع توفير الفرص للمستثمرين المهتمين بالاستدامة. تشمل بعض الأمثلة على استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم محايدة للكربون في عام 2022، وتحديد أهداف لتقليل الانبعاثات الكربونية في منشآت الغاز الطبيعي المسال بنسبة 25% بحلول عام 2030، وزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية بنحو 2-4 جيجاوات بحلول العام نفسه، وتطوير مفاهيم المدن المستدامة كمدينة لوسيل ومشيرب قلب الدوحة، مع وجود واحد من أكبر الموانئ الخضراء في العالم (ميناء حمد)، وتقديم أنظمة نقل صديقة للبيئة.

لدولة قطر مصلحة وطنية في تبني برامج محلية وإقليمية وعالمية لمكافحة التغيّر المناخي، والترويج لها. كما تقدم الاستثمارات القائمة على الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الدولة فرص ذهبية من حيث العائدات المالية والمساهمة في الاستدامة وتحقيق الأهداف المتعلقة لمكافحة تغير المناخ.


تشارك هذه المقالة